arabo
شهوة الاكل
(المطبخ الرومانى)
الرومان كانوا عظماء ، حيث خلقوا إمبراطورية عظيمة، ولكن تقاس عظمة الشعوب ايضاً بحجم مطبخه، وفى روما المطبخ ...... عبادة!
في روما القديمة السلع الغذائية كانت تأتى من جميع أنحاء الإمبراطورية، وكانت الصلصة الأكثر استخداما في العالم الرومانى "الجاروم" وهى عبارة عن صلصة سائله من امعاء السمك المملح، ويتم تعبئتها في جرارخاصة من الفخار وكانت تُسوق على نطاق واسع في البحر المتوسط وسوريا والسعودية، بينما كانت جميع أنواع التوابل تاتى من الهند.
الى أوستيا كانت تاتى جميع المنتجات الموجهة للسوق الرومانى، وكانت أوستيا مدينة التبادل التجارى، التى كان يرتادها عدد كبير من المسافرين، والذين يمكن لهم أيضا ان يجدوا مكان للإقامة في "كوبونا " وهو عبارة عن شقق صغيرة .
من حطام السفن القديمة ، وجد أنه فى العصر الروماني كانت هناك سفن تسع اكثر من 10.000 جرة، وتزن الواحدة حوالى 450/500 طن، أو تلك التى تنقل قمح تحمل نحو 1200 طن، وطولها حوالى 53 متراً وعرضها 14 متراً وارتفاعها حوالى 13 متراً من العارضة إلى سطح السفينة.
وعلاوة على ذلك، تشير التقديرات إلى أنه خلال عهد أوغسطس في روما، حوالى 750.000 شخص كان يمكنهم الاعتماد على القمح الذى يوزع مجانا من قبل السلطات، مضيفا اليها أيضا ما تستهلكه الطبقة العليا، في الغالب يصل روما نحو 270.000 طن من القمح سنويا.
وكانت هناك مخازن متخصصة مثل " دوليارى " تستخدم لتخزين الزيت والنبيذ، وزيت الزيتون كان الاكثر انتشاراً، المستوردة أساسا من بايتيكا ( الأندلس الحديثة ) وشمال أفريقيا، هذه المخازن كانت تضمن تخزين المنتجات بطريقة صحيحة لضمان سلامتها .
بيع المنتجات الغذائية بالتجزئة كان دائما يتم فى الأسواق المتخصصة.
في روما الجمهورية اوالإمبراطورية كان الطعام جيد، بطبيعة الحال لمن لدية القدرة ، وكان الطعام مختلف باختلاف الطبقة الاجتماعية. فالعبيد على سبيل المثال، كانوا يأكلون طعاماً لا يختلف كثيرا على مدار العام، وعادة ما يتكون من القمح والبصل واللفت وغيرها من الدرنات والبقول والخضروات، بالاضافة الى حصتة المستحقة يومياً من النبيذ، ولكن ليس من نوعية جيدة . الرومان الأثرياء كانوا يقسمون اليوم إلى ثلاث وجبات: بداً من وجبة إفطار كبيرة جدا ( ينطاكولوم ) والذي كان يبدا حوالي الساعة الثامنة او التاسعة صباحاً، وكان عبارة عن كعك وخبز مملح بالنبيذ وعسل ولبن، معه فاكهة مجففه وجبن وايضا لحوم التى غالبا ما كانت مصنوعة من بقايا طعام اليوم السابق.
الوجبة الثانية (برانديوم ) وكانت تعد قبل الظهر بقليل، وكانت خفيفة الى حدا ما ، حيث تحتوى على وعاء من البقول والزيتون والتين والأنشوجة المملحة، جبن من حليب الأغنام أو حليب الماعز، وأسياخ اللحم أو السمك المشوى.
ولكن أهم وجبة كانت بالتاكيد وجبة العشاء ، التى تبدا حوالى الساعة الرابعة بعد الظهر، ويمكن أن تستمر لمدة ستة أو سبع ساعات، وتشمل فاتح الشهية (جوستوس ) وما يصل إلى ست اطباق بعده والاطباق كانت تتألف من اللحم أو السمك؛ استاكوزا والمحار والثعابين والدجاج والأرانب، العجول و لحم الخنزير، ولحم الطيور، جنبا إلى جنب مع الغزلان والخنازير البرية والداينى ، وكانت هناك بعض الأطباق الغريبة والخاصة، مثل أقدام الجمال أو طائر الفلامنجو. وشيئاً اخر لا ينقص المائدة ابدا سواء قديما او الان وهو النبيذ، ولكن فى ذلك الوقت الرجال لا يمكن لهم ان يشربوا قبل سن الثلاثين عاما، وكان يحظر على النساء الشرب، وكان هناك اختباراسمة ( يوس اوسكولى ) الذي يعطى الزوج الحق فى تقبيل زوجته في الفم لمعرفة ما إذا كانت قد امتثلت للامتناع عن شرب النبيذ ام لا. كان النبيذ مختلف عن نبيذ اليوم، حيث كان فى بعض الأحيان يُخزن حتى 15 عام اوأكثر وكلما كان قديما كلما كان اغلى ، كان هناك نبيذ بالعسل أو بالفلفل، في حين أن المشروبات التي يستهلكها الرومان الفقراء كانت البيرة. ما يثير الدهشة هو الطريقة لتناول العشاء في غرفة خاصة، وكانت تسمى (التركلنيوم ) وهى كلمة يونانية تعني "سرير لثلاثة اشخاص" كان ياكل وهو مستلقى يستند بكوعه الأيسر على وسادة، وممسك الطبق بيده اليسرى بينما ياكل باليمنى . ولكن ايضا العامة كانوا مهيمين بالاكل على نطاق واسع ، وكان هناك اماكن مماثلة للمطاعم الحالية تسمى (انوبوليم ) او (تيرموبوليم) حيث تقدم الطعام والمشروبات الساخنة التى تحتفظ بحرارتها بوضعها فى أواني فخارية موضوعة على المائدة وايضا (التابرنى ) وهو نوع من المطاعم فى اماكن التجارة والمرور فى الميادين والاسواق وكان مكان للاكل الذى تحول بعد ذلك الى مكان للمقابلات والاجتماعات ، وسرعان ما أصبح أيضا مكان للعلاقات الاجتماعية، وكان بعض منها به غرف نوم للدعارة.
أوستريا (المطاعم القديمة) لا تزال تعيش في روما، والعولمة الغذائية التي تغزو المدينة، لم تستطع ان تقضى على الرومان، الذين لا يزالون يفضلون التقاليد القديمة. مثل ( الفرسكتا ) لكاستيلي رومانى ، والتي تقدم المنتجات الغذائية التقليدية (منتجات مجففة ، لحم الخنزيرالمشوى والجبن)، وحيث انه لمن دواعى السرور في أمسيات الصيف الحارة ان تقف تحت المظلة بكوب من النبيذ المبرد مع رياح البوننتينو التى تداعبك (رياح غربية لطيفه).
لتناول الطعام الرومان يفضلون الأماكن الغير مشهورة (المجهولة) وهي الصفة التي تحدد نوع من المطاعم المحلية والتي تقدم مطبخ المنطقة (جيدة من حيث الكمية والنوعية) حيث العلاقة مع الزبون لا تقوم فقط على التجارة، وانما التعاطف، وخفة الظل ، والصداقة، وحيث أنه ليس من المهم كيفية تقديم الطبق أو المفروشات، ولكن كيفية الاستضافة ، إلى جانب الطعام الجيد. أحيانا يذهب الرومان لتناول الطعام في هذه الأماكن للتحدث، او المزاح مع المالك، او ليحكى عن نفسة، اوللغناء، أو لمجرد امسية ممتعة ، ودائما فى جيبة خفة الظل التي تميزه، متزوقاً طبق جيد من المكرونة وكأس من النبيذ الجيد.
المطبخ الرومانى المكتسب اليوم نضج فى العصور الوسطى، مختلف تماما عن روما القديمة، ويعكس بكثير الاتصالات مع المناطق المجاورة للحدود، والتى امتص المكونات ووضع العديد من الطرق للطهى وخرج بالاكلات الخاصة بسكان التلال خصوصية المطبخ الروماني هو أنه أبقى على أصالته، خارج التطوروالموضة محافظاً على بساطته حيث انة مطبخ شعبى، وغناء المطبخ بتعدد الأعراق كما هو موضح بالفعل في العصور القديمة. ويستند المطبخ الروماني الحالي أساسا على ما يسمى بالربع الخامس، أي الفائض من البهيمة (البقر والغنم)، أى الكرشة والكلى (الكلاوى) والقلب والكبد والطحال والمخ، واللسان، والذيل، والرئتين .
بين ألاطباق الجانبية الأكثر شعبية " نييوكى الا رومانا " المصنوع من دقيق السميد و يقدم مع الزبدة و جبنة البارماجان ثم يُطهى في الفرن. طبق اخر معروف جيدا، وهو" بوكاتيني كاشيو و بيبي " ( جبن و فلفل اسود ) ، و " الاسباجيتيى الاكاريتيارا " سميت هكذا لانها كانت الطبق المفضل من الكارتريى (الذين يجلبوا النبيذ إلى روما من الكاستلى) ، فهى عبارة عن اسباجتى مع صلصة مصنوعة من الفطر المجفف، الطماطم ، الثوم ، البقدونس والتونة. و " الاسباجتى الا كاربونارا " عبارة عن مكعبات من بطن الخنزير مقلاة فى زيت مع ثوم فى وعاء اخر يتم إعداد كريمة البيض و البارماجان والفلفل الاسود ، والتي سوف تضاف للاسباجتى النصف تسوية ثم يرش المزيد من الجبن البارماجان وكريمة البيض . لا أقل تقدير " بوكاتيني الاماتريشيانا " مكرونة بصلصة مصنوعة من لحم الخنزير المقدد دائما موضع ترحيب ، " السباغيتي آيو ، أوجو و شطة " ( الثوم والزيت و الفلفل الحار )
و"الاسباجتى الرمادى" يقدم مع خليط من لحم الخنزير المقدد والفلفل الحار، ويرش الكثير من الجبن المبشور بيكورينو، وموضع ترحيب ايضا حساء "المكرونة الصغيرة مع البروكلى" حساء مشهورآخروهو "البانكوتو"، وهومصنوع من الخبز الجاف المتبقى، و هذا الطبق في جميع مطابخ ارياف وسط الجنوب . طبق اخير وهو "ريجاتونى الا باياتا " ويصنع من المكرونة المتوسطة الحجم مع صلصة مصنوعة من أمعاء الحيونات الصغيرة (خصوصا العجل ) بدلا من الاباياتا يمكن اكلها بعد طهيها على الشواية.
لم يستخدم بشكل مفرط أطباق الأسماك عندما كانت اسماك الثعابين التى يتم صيدها من نهر التيفير، ولكن اليوم و بسبب التلوث اختفت هذة الاسماك. يتم أكل الجمبرى الذى بعد تقشيرة يتم قليه ثم يقلب مع النبيذ الأبيض والليمون. طبق اخر وهو سمك موسى (سوليلا جراتيناتى ) يقطع السمك إلى شرائح وينقع لبضع ساعات فى وعاء مع زيت الزيتون وعصير الليمون والثوم المفروم ثم يشوى على الشواية الساخنة، طبق اخر جيد جدا وهو الحبار المحشى
ولكن قبل كل شئ "سمك البكالا" السمك الأكثر استهلاكا في روما، وسمك المرلوتسو من شمال أوروبا يحفظ تحت الملح ويُطبخ بطرق مختلفة، بما في ذلك القلية "شرائح سمك البكالا المملح الشهيرة". بين فواتح الشهية الرائعة "البونتاتورللا"، عبارة عن سلطة مع الأنشوجة، ثم "الشيكوريا" المعشوق من قبل الرومان، يتم اولا سلقها ثم تقليبها في مقلاة مع الزيت والثوم والفلفل الحار، أو بسيطة ولكنها ممتاز الجرجير ببساطة مع زيت الزيتون والملح، وأخيرا وليس آخرا السوابق جيدة، و"مستيكانسا" سلطة رومانية نموذجية وهي عبارة عن مجموعة من أعشاب الحقل. ولا ننسى الخرشوف، والذى يتم إعداده بطرق مختلفة، والأكثر شهرة هي وصفة من أصل يهودي، وهى "الخرشوف الاجودا " يتم تنظيف الخرشوف جيدا، ثم قلية كامل في زيت غزير، وطريقة اخرى وهى "خرشوف الا رومانا "، مطبوخة محشوة رأسا على عقب مع النعناع الطازج والثوم والملح والفلفل وزيت الزيتون، أو ببساطة يقطع شرائح ويطهي في المقلاة.
كما تستخدم البازلاء والفول الاخضرمع لحم الخنزير أو البازلاء مع الحبارأو مع لحم الخنزير البروشتو، وايضا الفاصوليا والحمص، ويتم اضافة عشب الروزمارى، ويقدم اما كطبق جانبي او فوق المكرونة (مكرونة بالحمص او مكرونة بالفاصوليا)، وبعد البروكلي والقرنبيط، يقلب في مقلاة مع الثوم.
اما الاطباق الرئيسية من اللحوم "ذيلالا فاشينارا"، مطبوخ مع الطماطم والكرفس، أو "سالتيمبوككا الارومانا" (لفات من اللحوم البيضاء)، وخاصا جرافولاتى من لحم البقر، ولحم البقر المشوي مع قطع من لحم الخنزير المقدد، والقرنفل وشرائح الثوم ، يطهى لساعتان مع البصل ثم يوضع في مقلاة مع زيت الزيتون والزبدة، والكرفس والطماطم.
الكلاوى في صلصة الطماطم تُطهى مع صلصة البصل والطماطم والبقدونس والنبيذ الأبيض والفلفل الاسود. لذيذ أيضا " الدجاج الا رومانا "، حيث يُحمر اولا فى قليل من الزبدة مع مكعبات لحم الخنزير ، المردقوش المفروم والثوم، ثم يُرش النبيذ الأبيض ثم يُطبخ مع الطماطم والفلفل .والطماطم هي أيضا محل تقدير كبير جدا سواء كما هى او محشوة بالأرز. ولكن اللحوم أكثر تقدير من قبل الرومان، هو (الضأن الا اسكوتاديتو )، بمعنى لسع الاصابع (الضلوع وقطع لحم الغنم المطبوخ مع العظم)، اسم مستمد من حقيقة أنها تُوكل بالايدى فتُلسع الاصابع . طبق اخر وهو( كورتلا دى ابكيو) وهي مزيج من الكلى والكبد والرئة، وعادة ما تُطهى في مقلاة مع الخرشوف أو مع البصل.
هناك أيضا العديد من الطرق لاستخدام الموزاريلا بدءاً من زهرة الكوسة، واستخدام جبن الريكوتا وكذلك استخدامها في الرافيولي، في العديد من الأعمال التحضيرية الأخرى، سواء مع المكرونة او لعمل الحلويات. الرومان يفضلون القواقع والتي بعد أن تنظف جيدا، يتم سلقها ثم تُوضع في مقلاة حيث تم إعداد صلصة الطماطم والثوم المفروم مع الأنشوجة و الفلفل الحار مسبقا ، يُطبخ مع حزمة من النعناع ويتم الطهي في هذة الصلصة لمدة ساعة على الأقل. بين الحلويات ومختلف انواعة من الكعك و حلوى البيتزا "بودينو الريكوتا" (بنكهة الليمون، والقرفة، والروم والبرتقال والكمبود والفاكهة المسكرة)، و " تورتة الريكوتا " و "الفراولة في الخل "و "التوسيتى" و"البانجالو" و"الموستاتشولى" حلويات قديمة مصنوعة من الطحين والسكر والتين المجفف، والفاكهة المسكرة والزبيب.
اخيرا روما لا ينقصها الطعام الجيد سواء فى الكمية اوالنوعية، لجميع أنواع الأزواق، وايضا العرقية. روما هي ألافضل فى المطبخ في كل إيطاليا، لأن الرومان ممتازين فى اختيار الأكل وكذلك تقييم المضيف، شعار الروماني هو دائما "نحب ان ناكل ونشرب ولا نحب ان نعمل "